تطرق رئيس الجمهورية قيس سعيد خلال لقائه اليوم بوزير الخارجية نبيل عمار الى اللقاء إلى علاقات تونس مع الاتحاد الأوروبي وخاصة إلى العرض الأخير الذي قدّمه الاتحاد لدعم ميزانية بلادنا ومقاومة الهجرة غير الشرعية حيث أكّد رئيس الجمهورية على أن تونس التي تقبل بالتعاون لا تقبل بما يشبه المنّة أو الصدقة فبلادنا وشعبنا لا يريد التعاطف بل لا يقبل به إذا كان بدون احترام.
وترتيبا على ذلك، فإن تونس ترفض ما تمّ الإعلان عنه في الأيام القليلة الماضية من قبل الإتحاد الأوروبي، لا لزُهد المبلغ فخزائن الدنيا كلها لا تساوي عند شعبنا ذرة واحدة من سيادتنا، بل لأن هذا المقترح يتعارض مع مذكرة التفاهم التي تم توقيعها في تونس ومع الروح التي سادت أثناء مؤتمر روما في جويلية الفارط الذي كان بمبادرة تونسية إيطالية.
وأوضح رئيس الجمهورية أن تونس تبذل كل ما لديها من إمكانيات لتفكيك الشبكات الإجرامية التي تتاجر بالبشر وأعضاء البشر، هذا فضلا عن أن بلادنا لم تكن أبدا السبب في هذا البؤس الذي تعيشه أغلب الشعوب الإفريقية، وعانت بدورها من النظام العالمي الحالي شأنها في ذلك شأن عديد الدول ولا تريد أن تكون مجددا، لا هي ولا الدول التي تتدفق منها هذه الموجات من الهجرة، ضحية لنظام عالمي لا يسود فيه العدل ولا تحترم فيه الذات البشرية. وخلال نهاية الأسبوع المنقضي كشفت رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجيا ميلوني، أن تونس ستتلقّى أول دفعة من مساعدات الاتحاد الأوروبي الأسبوع المقبل.
وحسب ما أوردته وكالة نوفا الإيطالية، فإن ميلوني تعتبر أن صرف الدفعة الأولى من المساعدات “إشارة ملموسة”، في إشارة إلى تفاعل أوروبا مع الاتفاق التونسي الأوروبي لمجابهة ظاهرة الهجرة غير النظاميّة، والذي يتضمّن مساعدة قيمتها 100 مليون يورو.
وتعتبر ميلوني أن تفعيل الشراكة الأوروبية مع تونس، يجب أن يُعمّم مع كافة دول شمال إفريقيا، التي تعد منطلقا رئيسيّا لموجات الهجرة غير النظاميّة.
وكانت المفوّضية الأوروبية قد أعلنت تقديم دعم اقتصادي لتونس بقيمة 60 مليون يورو، إضافة لحزمة مساعدات لمكافحة الهجرة بقيمة 67 مليون يورو. وحسب ما صرّحت به المفوضية الأوروبية قبل أيام، فإن المساعدات لتونس ستدعم آليّات الرقابة على السواحل التونسية.
وسلطت إيطاليا على لسان وزير خارجيتها أنطونيو تاياني، الضوء على أن “تونس تسعى إلى عقد اتفاق أوسع بشأن المهاجرين”، مبينة أن “العمل على هذا الملف يجري بشكل جيد مع فرنسا”.
وفي مقابلة مع صحيفة (لا ستامبا) الإثنين، أبدى نائب رئيس الوزراء، الاستغراب، بالقول: “لا أستطيع فهم الموقف الألماني” بشأن قضية الهجرة، “لأننا بينما نُعنى بصياغة وثيقة خاصة بالمهاجرين، هناك سبع سفن تابعة لمنظمات غير حكومية تمولها برلين، قبالة سواحلنا”، وأردف: “إذا قاموا بإنقاذ المهاجرين، فمن الصواب أن يتحملوا مسؤولية ذلك”.
وفيما يتعلق بتونس التي قالت إن الدفاع عن حدودنا من المهاجرين لا يندرج ضمن مهامها، أوضح الوزير تاياني، أن “تونس لا تريد أن تقتصر الاتفاقيات على الهجرة فقط”، بل “إنها ترغب بالتوصل إلى إبرام اتفاق أوسع نطاقا”، مؤكداً أن “الأموال الموعودة بها ستصل خلال أيام قليلة”.
وتعليقا على حكم محكمة كاتانيا الذي اعتبر المرسوم الخاص المهاجرين غير شرعي، أشار تاياني، إلى أن “وزارة الداخلية ستطعن في القرار، لكن العدالة يجب أن تكون أقل تسييساً”، وشدد على أنه: “لا أقصد أن الأمر مرتبط بحزب ما، بل هناك إيديولوجية معينة وراء بعض الجمل.
أرى نهجا غريبا إلى حد ما”. وأوضح الوزير أن “هؤلاء المهاجرين يأتون من بلدان آمنة، ويعمل المرسوم أيضاً على توضيح أن أولئك الذين يريدون القدوم إلى إيطاليا يجب عليهم الالتزام بقواعد صارمة، وأنه لا يمكن استغلال صبر البلد”. وأكد: “ينبغي أن نطلق رسائل رادعة لكل من يريد الاستعانة بالمتاجرين بالبشر للمجيء إلى هنا”. وخلص رئيس الدبلوماسية الإيطالية الى القول، إن “الحصار البحري الأوروبي”، الذي اقترحه وزير البنية التحتية ماتيو سالفيني “لن ينجح، وستكون هناك حاجة إلى إبرام اتفاقيات مع بلدان المهاجرين الأصلية لكي نتمكن من إعادتهم إلى أوطانهم”.