تتردد مخاوف في تونس إثر الزلزال المدمّر الذي جدّ في المغرب ليلة الجمعة 8 سبتمبر 2023، من أن تكون له انعكاسات على تونس ومن أن يتسبب في هزات ارتدادية باعتبار أنّ كليْ البلدين يقعان شمال إفريقيا وفي منطقة البحر الأبيض المتوسط.
لاستيضاح أسباب زلزال المغرب ومدى تأثيره على تونس، كان لـموقع “الترا تونس” حديث مع رئيس الجمعية التونسية للإعلام الجغرافي الرقمي محمد العياري:
“منطقة المتوسط كثيفة النشاط الزلزالي”
وقال محمد العياري، السبت 9 سبتمبر 2023، إنّ “زلزال المغرب لم يكن مستغربًا حدوثه بالنظر إلى الموقع الجغرافي للمغرب، باعتبارها تقع في شمال إفريقيا وبمنطقة البحر المتوسط”، موضحًا أنّ منطقة البحر الأبيض المتوسط تسمى بـ”المنطقة كثيفة النشاط الزلزالي” نتيجة وجود تصادم الصفيحتين الإفريقية والأوراسية (الأوروبية-الآسيوية).
وتابع محدث “الترا تونس” أنّ “زلزال مراكش قريب جدًا من الصدع التحويلي بين جزر الأزور وجبل طارق، أي أنّه قريب من منطقة التصادم الصفائحي بين الصفيحة الإفريقية والصفيحة الأوراسية”.
وأفاد محمد العياري بأنه “من المتوقع، جيولوجيًا، أنّ ينتهي البحر المتوسّط بعد 10 ملايين سنة بالمرة وتلتصق أوروبا بإفريقيا”.
ولفت رئيس جمعية الإعلام الجغرافي الرقمي إلى أنّ “زلزال المغرب هذا الذي جدّ بمراكش ليس الأول من نوعه في مدى كارثيته، إذ سبق أن حصل زلزال أكادير سنة 1960 والذي خلّف حوالي 15 ألف ضحية”، مستدركًا القول: “صحيح أنّ قوة الزلزال هذه المرة المقدرة بـ7 درجات على سلم ريختر لم يسبق أن حدثت منذ مئات السنين في المغرب، لكن رغم قوته نلاحظ أنّ حجم الدمار وعدد الضحايا أقلّ بكثير من زلزال أكادير سنة 1960 الذي كان بقوّة 5.7 درجات على سلم ريختر”.
وأرجع ذلك إلى عاملين اثنين، هما كالآتي:
الطبيعة الجيومورفولوجية للسطح، أي المكونات من التربة والصخور، لأن مراكش مكوناتها من التربة والصخور الرسوبية التحويلية على غرار جبال الأطلس المتكونة من صخور رسوبية تحويلية وليس من صخور نارية
قلة اتساع انتشار زلزال مراكش، الذي امتدّ على مساحة 600 كم مربع حسب مركز الأبحاث الأمريكية، وهذا يفسر أن الزلزال لم يكن من صنف الزلازل ذات الأعماق الكبيرة وإنما من الزلازل السطحية.
هل ستكون هناك هزات ارتدادية؟
وأكّد رئيس الجمعية التونسية للإعلام الجغرافي الرقمي محمد العياري أنّ زلزال المغرب يختلف عن زلزال تركيا المدمر الذي جد في فيفري المنقضي، موضحًا أنّ “بؤرة زلزال تركيا وقعت عند نقطة التصادم بين الصفيحتين، بينما بؤرة زلزال المغرب تعدّ بعيدة بمئات الكيلومترات عن نقطة التصادم بين الصفيحتين، وبالتالي حتى وإن وقعت هزات ارتدادية لن تكون عنيفة أو ذات التأثير الفاعل”.
بَيْدَ أنّه استدرك القول إنّ “المخيف الآن هو المباني المتداعية للسقوط لأنّ أغلب مدينة مراكش مناطق أثرية تاريخية لم يعتمد فيها القدامي في بنائها الأسس المقاومة للزلازل”.
وعبّر العياري في هذا الصدد عن أمله في أن يقع الحفاظ على المناطق التراثية والأثرية والمدن العتيقة بمراكش المصنفة تصنيفًا إنسانيًا ضمن اليونسكو وترميمها، وإن كانت الكثير من المباني المصنفة تضررت بهذا الزلزال”، حسب تصريحه.
أيّ تأثير على تونس؟
وعمّا إذا كان من المتوقع أن تحصل انعكاسات لزلزال المغرب على تونس، قال محمد العياري إنّ “كل الدول على الحوض المتوسط على غرار المغرب للجزائر لتونس في منطقة زلزالية وهي عرضة لهذه المهددات”.
وأشار إلى أنّ “مئات الهزات الزلزالية تحدث في السنة في منطقة المتوسط، لكنها ليست بالقوة التي تمكّن من استشعارها، ما عدا لدى مراكز القياس”.
وأردف قائلًا: نحن في منطقة الحزام الزلزالي في منطقة هشة تكتونيًا وهي منطقة المتوسط وبالتالي تونس ليست في معزل عن هذه الهزات الزلزالية”، حسب تقديره.
وكانت عدة مناطق في المغرب قد تعرضت، إلى زلزال قوي، في وقت متأخر من ليلة الجمعة، أسفر عن مقتل 1037 شخصًا على الأقل، و721 مصابًا، وفق آخر تحيين لبيانات وزارة الداخلية المغربية.
وأعلن المعهد الوطني للجيوفيزياء في المغرب، أن قوة الزلزال الذي ضرب عددًا من المناطق في المغرب بلغت 7 درجات على سلم ريختر، فيما حدد مركز الزلزال في إقليم الحوز جنوب غرب مراكش.