“نحن عاجزون جسديًا وها هي الدولة تحاول أن تزيد في تعجيزنا” يقول محمد الغرسلي بنبرة اختلط فيها الحزن بالغضب.
محدثنا هو أحد المنتمين للتنسيقية الوطنية للدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الذين علا صوتهم في الآونة الأخيرة رفضًا للأمر الترتيبي المتعلق بالامتياز الجبائي بعنوان السيارات المعدة خصيصًا للأشخاص ذوي الإعاقة الجسدية.
تضييقات تحرم ذوي الإعاقة من استيراد سيارات بمواصفات خصوصية
“في بداية سنة 2023 صدر مرسوم غيّر في شروط سعة السيارة المخصصة لذوي الإعاقة فمن 2.0/ 2.1 إلى1.3 و1.6، وبالتالي فإننا حرمنا من السيارات المريحة التي تمكننا من نقل الكرسي المتحرك وكل الآلات الطبية التي ترافق المعوق”، يقول محمد الغرسلي.
ويضيف لـ”الترا تونس”: “نحن نستغرب غياب بند انتقالي ينظر في السيارات السابقة لهذا المرسوم والتي أودع أصحابها مطالبهم بالشروط القديمة”.
يقول محدّثنا: “ها نحن أمام أمر ترتيبي صدر ليقدم تفاصيل المرسوم ويوضحه لنتفاجأ بشروط مجحفة يعجز ذوو الإعاقة على تطبيقها ومن بينها أن عمر السيارة لا يجب أن يتجاوز 7 سنوات في الوقت الذي كنا نقتني فيه سيارات عمرها 10 و13 سنة لأن معاليمها أقل ولأن بعض مواطنينا المقيمين بالخارج يتبرعون في أحيان كثيرة بهذه السيارات للمعاقين من معارفهم”.
ويستنكر عضو التنسيقية الوطنية لأصحاب الإعاقة محمد الغرسلي شرطًا آخر يرى فيه تعجيزًا وتنكيلًا بذوي الإعاقة، فالأمر الترتيبي اشترط أن يكون المتبرع بالسيارة من الفرع الأول للعائلة أي “الأب أو الأم أو الأخ أو الأخت أو الولد فقط، أي أن العم أو الخال أو ابن الأخت أو الصديق أو القريب أو الجار لا يمكن أن يتبرعوا بهذه السيارات، ويرى أنه من الأفضل أن يسمى الأمر الترتيبي بـ”أمر قطع الرحمة وصلة الرحم لأشخاص ابتلاهم الله في أجسادهم” وفق توصيفه.
من بين التضييقات الواردة أيضًا بالأمر الترتيبي، يقول محدّثنا: تحديد الإعاقات التي ليس لها مبرر ولا ينطبق عليها عنوان ترشيد الامتياز الجبائي حيث سيتم مستقبلًا حرمان بعض ذوي الإعاقة من الامتياز الجبائي والذين نتيجة لإعاقتهم لا يقدرون على قيادة سيارة عادية ولا يخول لهم القانون ذلك حيث تم حصر الإعاقات في بتر الأطراف أو إصابتها بالشلل، وفقه.
وقد كان من الأجدر، حسب رأيه، إسناد الامتياز لكل شخص مصاب بإعاقة عضوية يكون: متحصلًا على بطاقة إعاقة مسلّمة من قبل المصالح الراجعة بالنظر لوزارة الشؤون الاجتماعية، ومتحصلًا على رخصة سياقة مسلّمة من قبل المصالح الراجعة بالنظر لوزارة النقل تكون ملائمة لإعاقته وتخوّل له سياقة السيارات المهيئة لإعاقته دون غيرها والتي يتم التنصيص فيها (رخصة السياقة) على التهيئة الخاصة للعربة المرخص له قيادتها طبقًا للفصل الخامس من الأمر الحكومي عدد 510 لسنة 2021 المؤرخ في 18 جوان 2021 المتعلق بضبط أصناف رخص السياقة وشروط تسليمها وصلوحيتها وتجديدها، مع إمكانية مطالبته بالإدلاء بشهادة طبية مسلّمة من قبل طبيب مختص للصحة العمومية تتضمن طبيعة إعاقته العضوية والتنصيص على عدم قدرة المعني بالأمر لقيادة سيارة عادية.
وانتقد محمد الغرسلي البند المتعلق بالسائق المعين وهو الذي يرافق صاحب الإعاقة، فقد تم التنصيص على ضرورة أن يكون المعوق موجودًا داخل السيارة، وتصادر السيارة في حال عدم وجوده وتصل قيمة الخطية إلى 4 آلاف دينار دون أن يتم التفكير في حالات كثيرة، فقد يكون الأب مثلًا أوصل ابنه للدراسة وعاد لأخذه، ماذا يمكن أن يفعل؟ وفق تساؤله.
وإذا كان الشخص ذوي الإعاقة يرقد في المستشفى وذهب السائق المعين ليأتيه بالدواء أو لإخراجه من المشفى فهل تفتك السيارة؟ وفقه، واعتبر محدثنا أنّ المرسوم والأمر الترتيبي لم يراعيا مشاكل ذوي الإعاقة وخصوصية مشاغلهم ولم يستمع إليهم، بل جاء ليخدم وكلاء السيارات في تونس الذين يبيعون سياراتهم بمبالغ باهظة جدًا يعجز ذوو الإعاقة عن اقتنائها.
مصير مجهول لسيارات محجوزة في مستودع الديوانة التونسية
وأكد محمد الغرسلي لـ”الترا تونس” أنّه لا أحد من هذه الفئة يعلم مصير سياراتهم المحجوزة في مستودع الديوانة التونسية، وهو واحد منهم فقد قدّم ملفه وتم قبوله لكنه إلى حد الساعة لم يستلم سيارته التي قدمها له عمه وهو يدفع شهريًا معلومًا للديوانة يقدّر بـ300 دينار ومازال ينتظر أن يتسلّمها.
“لا ندري إلى متى تتواصل المماطلة ولماذا لا يتم تسليم السيارات إلى أصحابها؟ فبعضهم ينتظر منذ 2019 والبعض الآخر انتقل إلى رحمة الله ولم يُدرس ملفه وسيارته في مستودع الديوانة تتهاوى بفعل الشمس والأمطار، والبعض الآخر عجز عن مواصلة دفع معلوم 300 دينار شهريًا وتراكمت المديونية فنسي السيارة وتخلى عنها” يقول محدثنا.
وتجدر الإشارة إلى أن التنسيقية الوطنية لأصحاب الإعاقة نفذت وقفات احتجاجية في العاصمة آخرها يوم 2 ديسمبر 2023 أمام المسرح البلدي كما قاطعت الاحتفال العالمي لذوي الإعاقة يوم 3 من الشهر نفسه من كل سنة، وطالبت الدولة بتطبيق القوانين المنصوص عليها وطنيًا ودوليًا.
الترا تونس