يدور حديث داخل الأوساط الفلسطينية والإسرائيلية وكذلك العربية، عن تقدم “مفاجئ” طرأ في مفاوضات تهدئة غزة “المعقدة والشائكة” التي تجري في قطر ومصر، بين إسرائيل وحركة “حماس” بصورة غير مباشرة.
وذكرت العديد من المصادر، أن التقدم كان في أكثر العقبات التي كانت في السابق تعترض بقوة طريق التوصل لاتفاق تهدئة ووقف إطلاق نار صريح بين الجانبين، وهي سماح إسرائيل للنازحين الفلسطينيين في جنوب قطاع غزة بالعودة إلى منازلهم في الشمال التي هجروا منها قسرًا، وهو الشرط الرئيسي الذي كانت تتمسك به “حماس”، بعد وقف العدوان بشكل كامل وانسحاب الجيش الإسرائيلي من داخل قطاع غزة.
وأشارت تلك المصادر وفق ما تناقلته وسائل إعلام عربية وعبرية، أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، يبدو أنه قد رضخ أخيرًا لشروط حركة “حماس”، وأبدى “مرونة كبيرة” في بند عودة النازحين لشمال القطاع، وفق ما ذكرته أمس هيئة البث الإسرائيلية الرسمية.
وفي حال وافق نتنياهو رسميًا على هذا البند وسمح بعودة النازحين للشمال، رغم الرفض والمعارضة الكبيرة داخل حكومته لهذا الأمر، وخاصة أبرز وزراء حكومته المتطرفين “بن غفير وبتسلئيل سموتريتش”، فإنه قد تكون المفاوضات قطعت شوطًا كبيرًا.
ولفتت مصادر إلى أن ما تبقى من قضايا مثل وقف الحرب بشكل كامل، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع، وإدخال المواد الإنسانية والإغاثية لسكان القطاع، وهي الشروط التي تضعها “حماس” على الطاولة للموافقة على أي صفقة تبادل للأسرى، يمكن تجاوزها من خلال المفاوضات، كون العقبة الكبرى قد تم تجاوزها وهي عودة النازحين للشمال.
وأجبر القصف نحو مليوني فلسطيني على النزوح من مناطقهم في قطاع غزة، الذي تحاصره إسرائيل منذ 17 عاما، ويقطنه حوالي 2.3 مليون نسمة في أوضاع كارثية.
وعلى مدى جولات المفاوضات السابقة أصرت إسرائيل على عودة تدريجية لسكان شمال قطاع غزة إلى منازلهم تشمل فقط كبار السن والنساء والأطفال، وهو ما رفضته حماس التي تطالب بعودة الجميع لمنازلهم في الشمال.
وفي وقت سابق الاثنين، قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، إن مطلب “حماس” بإعادة جميع سكان شمال القطاع إلى منازلهم “يشكل خطرا رهيبا على سكان سديروت الذين عادوا إلى منازلهم التي لا تبعد سوى بضعة كيلومترات، وعلى جميع مواطني إسرائيل، ويضر بالقدرة على نزع سلاح قطاع غزة كشرط للتوصل إلى اتفاق لإعادة الإعمار”.
وحمَّلت حركة “حماس” نتنياهو مسؤولية إفشال المفاوضات، وقالت إنها أبلغت الوسطاء بتمسكها بالرؤية التي قدمتها في 14 مارس الجاري.
وتتضمن هذه الرؤية 4 نقاط رئيسية هي: وقف إطلاق النار الشامل، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، وعودة النازحين، وتبادل حقيقي للأسرى.
وفي ذات السياق، قال الصحفي الإسرائيلي يانون ماجال عبر صفحته على “إكس” مساء الإثنين أن قضية الأسرى قريبة من الاتفاق، من حيث المبدأ فهي تتعلق بكبار السن والنساء والأطفال مقابل، شيوخ ونساء وأطفال.
وقال ماجال أن آخر تحديث بخصوص مفاوضات صفقة المختطفين يؤكد أن هناك إجماع في “الكابنيت” على عدم السماح بإلغاء التفتيش الأمني في حال التوصل إلى اتفاق بشأن عودة اللاجئين إلى شمال قطاع غزة.
وفي السياق، قال مسؤول إسرائيلي رفيع، في إحاطة قدمها لوسائل الإعلام العبرية، مساء الإثنين، إن هناك إمكانية لإحراز تقدم في المفاوضات غير المباشرة مع “حماس”، في محاولة لإبرام صفقة تبادل أسرى بموجب اتفاق على وقف لإطلاق النار في غزة.
واعتبر المسؤول الإسرائيلي أنه “إذا كانت حماس معنية بالتوصل إلى اتفاق، فيمكننا المضي قدما. لقد قطعنا شوطا طويلا هذه المرة أيضا، وهناك إمكانية لإحراز تقدم في الأيام المقبلة”، بحسب ما أوردت هيئة البث العام العبرية (“كان 11”).
وقال مسؤولون إسرائيليون مطلعون على سير المفاوضات، إن “الوفد الإسرائيلي في القاهرة قدم للوسطاء موقفا جديدا ومحدثا (من قبل الحكومة في تل أبيب) وأكثر مرونة فيما يتعلق بعودة السكان إلى شمال قطاع غزة”.
وتحتجز تل أبيب في سجونها ما لا يقل عن 9 آلاف و100 فلسطيني، وتقدر وجود نحو 134 أسيرا إسرائيليا في غزة، فيما أعلنت حماس مقتل 70 منهم في غارات عشوائية إسرائيلية.
ومنذ 7 أكتوبر 2023، تشن إسرائيل حربا مدمرة على غزة، خلَّفت عشرات آلاف من الشهداء، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، حسب بيانات فلسطينية وأممية.
0 1٬237 2 دقائق