عقدت لجنة الدفاع والأمن والقوات الحاملة للسلاح، أمس الاثنين 25 ديسمبر، جلسة خصصتها للانطلاق في النظر في مشروع القانون عدد 40/2023 المتعلق بسن أحكام استثنائية خاصة بالإعفاء من واجب الخدمة الوطنية.
وفي بداية الجلسة تمت تلاوة أحكام الفصل الوحيد الذي تضمنه هذا المشروع والذي ينص على أن يتم بصفة استثنائية، إعفاء المواطنين مواليد ما قبل غرة جانفي 2000 ممّن لم يُسوُّوا وضعيتهم من واجب الخدمة الوطنية، ولا يشمل الإعفاء المواطنين المدعوّين إلى أداء الخدمة الوطنية في إطار الاستجابة لحاجيات الدفاع الشامل ومُقتضيات التضامن الوطني.
وتم استعراض محتوى وثيقة شرح الأسباب المصاحبة للمشروع، وجاء فيها أن أداء الخدمة الوطنية يعتبر واجبا دستوريا على كل مواطن بلغ من العمر 20 عاما ويبقى ملزما بأدائها إلى حين بلوغه سن 35 في إطار إعداده للدفاع عن حرمة الوطن والمشاركة في التنمية الشاملة للبلاد وذلك طبق مقتضيات القانون عدد 1 لسنة 2004 المؤرخ في 14 جانفي 2004 المتعلّق بالخدمة الوطنية.
وبالنظر إلى أنّ أداء الواجب الوطني المذكور ينبني قانونا على التقدم التلقائي، فإن أغلب المواطنين الذين بلغوا السن القانونية للخدمة الوطنية والذين لا يستجيبون لشروط التأجيل والإعفاء كما تمّ ضبطها بالقانون عدد 1 لسنة 2004، يتهربون من أداء واجبهم الوطني ومن تسوية وضعياتهم إزاء الخدمة الوطنية.
وأدى هذا العزوف إلى تراكم ملفات الشبان الذين تخلفوا عن تسوية وضعياتهم إزاء قانون الخدمة الوطنية ممّا انجرّ عنه تأخير في متابعتهم قضائيا باعتبار أن المواطن الذي لم يتقدّم لتسوية وضعيته إزاء قانون الخدمة الوطنية يعدّ مرتكبا لجريمة الفرار طبق ما جاء بالفصل 31 من القانون عدد 1 لسنة 2004 المشار إليه أعلاه وطبق الفصل 66 من مجلة المرافعات والعقوبات العسكرية.
مع الاشارة صلب وثيقة شرح الأسباب أنه لا تتوفر لدى مصالح الإدارة العامة للتجنيد والتعبئة وإدارة القضاء العسكري الإمكانيات البشرية والمادية الضرورية لمعالجة الكم الهائل من ملفات المتخلفين عن أداء واجب الخدمة الوطنية التي تزيد عن 403 آلاف ملف.
كما ورد بوثيقة شرح الأسباب أنّ تسوية الوضعية القانونية للشبان المتخلفين من خلال إعفائهم بمقتضى نص خاص من أداء واجب الخدمة الوطنية وإن كانت تهدف إلى تجاوز الإشكاليات القانونية المرتبطة بعدم تسوية وضعياتهم مما يعرقل ممارستهم لبعض حقوقهم وحرياتهم المضمونة دستوريا على غرار حرية التنقل والحق في العمل وغيرها، فهي تكتسب بالأساس بعدا اقتصاديا من خلال تحريك الدورة الاقتصادية عبر تسهيل انخراط المعنيين بأحكامه في الحياة المهنية والبحث عن مواطن شغل، مع التأكيد أن الإعفاء لا يشمل المواطنين المدعوّين إلى أداء الخدمة الوطنية في إطار الاستجابة لحاجيات الدفاع الشامل ومقتضيات التضامن الوطني.
وطرح النواب في تدخلاتهم جملة من الملاحظات والاستفسارات تمحورت بالأساس حول تأكيد أهمية المشروع المعروض، باعتباره سيمكن من تسوية الوضعية القانونية لعدد كبير من الشبان المتخلفين عن أداء واجب الخدمة الوطنية من ناحية وسيسمح من ناحية أخرى بتجاوز جميع الإشكاليات القانونية المرتبطة بعدم تسوية وضعياتهم وتسهيل انخراطهم في الحياة الاقتصادية والمهنية.
وشدّدوا على ضرورة البحث في الإشكاليات الحقيقية التي ساهمت في عزوف الشباب عن أداء الخدمة العسكرية، وكذلك في آليات تنفيذ القانون الحالي المنظم للخدمة العسكرية في بلادنا والذي يستوجب تنقيحه في أسرع الآجال واعتماد المراجعة الشاملة لهذا القانون خاصة أنه سبق أن أكّدت وزارة الدفاع الوطني عملها على هذه المراجعة وهي في مراحلها الأخيرة، مع تأكيد أهمية دعم دور الخدمة الوطنية واجبا دستوريا في تعزيز حِسّ الانتماء لدى الناشئة ودعم دورها في المجال التنموي.
وقرّرت اللجنة مواصلة النقاش العام حول هذا المشروع بهدف مزيد تعميق النظر فيه، وذلك خلال جلستها القادمة يوم الأربعاء 27 ديسمبر 2023 مع برمجة جلسة استماع إلى ممثلين عن جهة المبادرة التشريعية وذلك خلال الأسبوع القادم.