تشهد الساحة الثقافية والإعلامية التونسية هذه الأيام حالة من التفاعل الكبير عقب الهجوم اللاذع الذي تعرض له الممثل والمخرج محمد صابر الوسلاتي من قبل الممثل عاطف بن حسين، على خلفية تصريحات ومواقف عبّر فيها الوسلاتي عن رفضه للسلطة القائمة في البلاد.
وقد أثار منشور سابق لعاطف بن حسين — قبل أن يقوم بحذفه — موجة من الاستياء، حيث تضمن عبارات وُصفت من قبل المتابعين والمهنيين بأنها حادة، مهينة، وتحطّ من قيمة الوسلاتي على المستويين المهني والشخصي، مع تهكّم بلغ مستوى الشتائم المباشرة، متهمًا إياه بالنفاق والجهل والتواطؤ مع “أعداء الوطن”، وفق تعبيره، وعبّر في ذات المنشور عن دعمه المطلق لرئيس الجمهورية قيس سعيد.
نخب ثقافية وفنية تنتفض
في المقابل، جاءت الردود قوية ومتسارعة من طيف واسع من المثقفين، الصحفيين، المسرحيين، والنشطاء المدنيين الذين أعلنوا تضامنهم الكامل مع محمد صابر الوسلاتي، مشددين على حق كل فنان في التعبير عن رأيه السياسي دون التعرض للتشهير أو التحريض.
وكتب عدد من الفنانين تدوينات تساند الوسلاتي، وتندد بما وصفوه بـ”خطاب عنف وتخوين ممنهج يستهدف حرية التعبير”، مؤكدين أن الفن لا يمكن أن يكون تابعًا للسلطة، ولا يجوز تحويل الاختلاف السياسي إلى سلاح شخصي لتصفية الحسابات.
حرية التعبير على المحك
تطرح هذه الحادثة تساؤلات جدية حول الهامش المتبقي لحرية التعبير في الوسط الثقافي التونسي، خصوصًا في ظل اصطفاف بعض الوجوه المعروفة إلى جانب السلطة واستعمال خطاب التخوين ضد كل من يعبّر عن معارضة سلمية أو نقد للنظام.
ويرى بعض المراقبين أن ما حدث لا يجب أن يُختزل في خلاف شخصي بين فنانين، بل هو مرآة لوضع عام هشّ تمر به تونس، حيث يشتد الاستقطاب ويضيق المجال أمام الرأي المختلف، حتى داخل الأوساط التي يفترض بها أن تكون منابر للحرية والانفتاح.
صابر الوسلاتي: “لن أسكت عن حقي في التفكير”
من جانبه، لم يردّ محمد صابر الوسلاتي بشكل مباشر على ما كُتب عنه، لكنه أعاد نشر بعض التدوينات التضامنية، وأشار في مداخلة إعلامية إلى أنه متمسك بحقه في التعبير عن موقفه كمواطن وفنان، دون الدخول في “مستنقع الشتائم”، على حد وصفه، مؤكدًا أنه يعتبر كل محاولة لإسكاته اعتداءً صريحًا على القيم التي يؤمن بها.