تقدم عدد من النواب بمجلس النواب، بمقترح قانون يتعلق بالعفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد، وتمت إحالة مشروع القانون يوم الخميس  13 فيفري 2025 إلى لجنتي التشريع العام والنظام الداخلي بمجلس نواب الشعب مع طلب استعجال النظر فيه.

ويتضمن مشروع القانون المتعلق بالعفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد، 3 فصول، وقد تم تقديمه من طرف 45 نائبًا في البرلمان .

وينص الفصل الأول في مشروع القانون، وفق نسخة اطّلع عليها “الترا تونس” ونشرت على الموقع الإلكتروني للبرلمان التونسي، على أن “يتمتع بالعفو العام كل من أصدر شيكًا دون رصيد لا يفوق المبلغ المضمن به خمسة آلاف دينار أو قام بالاعتراض على خلاصه في غير الحالات المنصوص عليها بالفصل 374 من المجلة التجارية وحررت بشأنه شهادة في عدم الخلاص قبل 2 فيفري 2025″، وهو تاريخ دخول منصة Tunicheque للشيكات الجديدة حيز الاستغلال في تونس.

وتعلق الفصل الثاني بحقوق المستفيد من الشيك وغيره من الأطراف الأخرى، وجاء فيه أنه “لا يمس العفو العام المقرر بمقتضى هذا القانون بحقوق الغير وخاصة بحقوق المستفيد من الشيك ولا يشمل مصاريف الإعلام التي دفعها البنك المسحوب عليه ولا المصاريف القضائية ولو التي لم تستخلص ولا الاستصفاء الذي تم تنفيذه ولا الخطية التي تم استخلاصها”.

وشدد على أن “تبقى الحقوق المدنية للمستفيد قائمة لاستخلاص المبالغ المتعلقة بالشيك كاملة”.

أما الفصل الثالث، فقد نص على تكليف “وزير العدل ووزير الداخلية ووزير المالية ومحافظ البنك المركزي التونسي بتنفيذ أحكام هذا القانون حال نشره بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية”.

ويهدف مقترح القانون المتعلق بالعفو العام عن العقوبة السجنية في جريمة إصدار شيك دون رصيد لا يفوق المبلغ المضمّن به خمسة آلاف دينار، وفق ما جاء في وثيقة شرح الأسباب إلى الحد من الآثار الجانبية لسوء استعمال الشيك قبل صدور القانون الجديد للشيكات في تونس، أي القانون عدد 41 لسنة 2024 المؤرخ في 2 أوت/أغسطس 2024 المتعلّق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها.

كما يهدف مشروع القانون أساسًا إلى “إلغاء العقوبة السجنية عن الفئة الأغلبية عدديًا، والتي قامت بإصدار الشيك دون رصيد، إذ أبرزت الإحصائيات الرسمية أن الشيكات التي لا تتجاوز قيمتها خمسة آلاف دينار تحتلّ النسبة الأكبر من حيث عدد القضايا وعدد المحكومين”، وفق الوثيقة ذاتها.

أكدوا أن “مقترح القانون الجديد يأتي في إطار إتمام عملية الإصلاح سعيًا للحد من الانعكاسات السلبية، للاستعمال الخاطئ للشيك سابقًا بإصدار عفو عام عن جريمة إصدار شيك دون رصيد في حدود مبلغ خمسة آلاف دينار وهو مبلغ يجد تفسيره في أن النسبة الأعلى للقضايا المنشورة أمام المحاكم والأحكام الصادرة في المجال تعلقت بشيكات في حدود هذا المبلغ والهدف من هذا العفو هو إعادة تأهيل النسبة الأهم من المعنيين بها الصنف من الجرائم والسماح لهم بإعادة الاندماج في الاقتصاد الوطني والعودة إلى النشاط والسعي إلى خلاص الشيكات التي تعلقت بالديون المتخلدة بذمتهم ذلك أن مقترح القانون يحافظ على الحقوق المدنية ليتولى أولي الحقوق القيام بإجراءات الاستخلاص المتاحة مدنيًا حيث لا يتسلط العفو إلا على الجانب الجزائي”.

ومن جهة أخرى أشار النواب أصحاب المبادرة إلى أن القانون عدد 41 لسنة 2024 المؤرخ في 2 أوت 2024 المتعلّق بتنقيح بعض أحكام المجلة التجارية وإتمامها “عالج هذه المسألة حتى يوقف الاستعمال الخاطئ للشيك كوسيلة للضمان عوض استعمالها القانوني الصحيح والذي أدى إلى عديد الآثار السلبية على المجتمع بتحويل آلاف المواطنين إلى محكومين بعقوبات سجنية من أجل جريمة إصدار شيك دون رصيد وما في ذلك من تأثير سلبي على المجتمع من تفكيك عائلات وسجن أولياء والعصف بمستقبل الأبناء كإثقال كاهل العدالة والقضاء بآلاف القضايا وكذلك المؤسسات السجنية بمئات المساجين إضافة إلى العديد من الانعكاسات السلبية على الاقتصاد الوطني”.

كما أشار النواب في وثيقة شرح الأسباب المرفقة مع مشروع القانون، إلى عوامل أخرى عديدة تبرر مقترح القانون وتبرز أنّه ضرورة اقتصادية واجتماعية ملحة يتطلبها الوضع في تونس وآثار الاستعمالات الخاطئة للشيك للتخفيف من تداعيات الأزمات الاقتصادية ومن أهمها ما يلي وفق ما جاء في الوثيقة:

– عدم توحيد الإجراءات في المحاكم: هناك تباين كبير في تطبيق الإجراءات بين المحاكم المختلفة، ما يخلق حالة من عدم التّناسق القانوني ويؤدي إلى تأخير معالجة القضايا المتعلقة بإصدار شيكات دون رصيد، إضافة إلى غياب معيار موحّد للتعامل مع هذه القضايا يزيد من الأعباء على الأطراف المعنية، سواء المدين أو الدائن، ويدعو إلى إيجاد حل جذري مثل العفو لتجاوز هذه التناقضات.

– رفض بعض المحاكم الالتزام بقانون سقوط العقوبة بمرور الزمن: استمرار الملاحقات القضائية رغم انقضاء المدة القانونية لسقوط العقوبة يؤدي إلى انتهاك واضح لحقوق المدينين، واعتبر النواب أن “مقترح العفو يضمن معالجة هذه الثغرة بشكل منصف ويعزز الالتزام بالقوانين المتعلقة بالتقادم، مما يقلل من الضغوط على النظام القضائي”.

– الإجراءات الإدارية المعقدة وتأثيرها السلبي: إجراءات بيروقراطية طويلة تعيق تنفيذ التسويات، وتعرقل استرجاع النشاط الاقتصادي للفرد، وتفاقم أزمات المدينين في ظل تزايد التحديات المالية، وأكد النواب أصحاب المبادرة أن “العفو قد يسهم في تبسيط هذه الإجراءات من خلال تقديم إطار قانوني موحد لإنهاء النزاعات الجزائية المتعلقة بالشيكات”.

– الأزمة الاقتصادية وتأثيرها على القدرة على السداد: العديد من المدينين يواجهون صعوبات مالية غير مسبوقة نتيجة الأزمة الاقتصادية الحالية، مما يجعلهم غير قادرين على سداد التزاماتهم في الوقت المناسب، ولفت النواب في وثيقة شرح الأسباب إلى أن “العفو يعزز فرص التسوية السريعة ويعيد إدماج المدينين في الدورة الاقتصادية بشكل يساهم في النمو الاقتصادي”.

كما لفت النواب إلى أن القطاعات الاقتصادية المحلية، وخاصة المؤسسات الصغرى والمتوسطة، تعاني من ركود حاد بسبب تراجع الاستهلاك المحلي وانخفاض القدرة الشرائية، مؤكدين أن “تسوية وضعية المدينين وإعادة إدماجهم في الدورة الاقتصادية، يساهم في تحفيز الاستهلاك والنمو وتعزيز فرص العودة إلى النشاط الاقتصادي والاجتماعي دون ضغوط قضائية”، كما أشاروا إلى أن “العفو يُخفف الضغط على الأفراد ويمنحهم فرصة لإعادة تنظيم أوضاعهم المالية”.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا