أثارت وثيقة رسمية مسربة من داخل الاحتلال تدعو إلى تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء المصرية جدلا واسعا رغم تبرّؤ الكيان لاحقا.
وكانت مصر أعلنت في وقت سابق رفضها القاطع لأي محاولة لتهجير سكان غزة إلى أراضيها محذرة من تعريض اتفاقية السلام بينهما للخطر.
وعلى الرغم من أنّ كلّ ما يفعله الاحتلال الإسرائيلي- تدمير قطاع غزة- مخالف لكافة القوانين الدولية والإنسانية، تدعي الوثيقة الإسرائيلية أنه سيتوجب على مصر “الالتزام بموجب القانون الدولي” والسماح بمرور الفلسطينيين الذين ستُطردهم إلى سيناء المصرية.
وتزعم الوثيقة أنه إذا بقي سكان غزة في القطاع، فسيكون هناك “العديد من القتلى الفلسطينيين في ظل الاحتلال المتوقع للقطاع، وهو ما سيضر بصورة إسرائيل الدولية أكثر من ترحيل السكان، ولذا فإنها توصي بالتشجيع على نقل كافة الفلسطينيين من غزة إلى سيناء بشكل دائم”.
وكان وزير الخارجية الأمريكي جون كيربي صرّح سابقا أنه يمكن إخراج من يريد من سكان غزة “مؤقتا” لسيناء -إذا وافقت مصر طبعا- و”إعادتهم إلى غزة لاحقا” .
وتأتي هذه التصريحات في الوقت الذي تتحدث فيه جهات أمريكية عن ميزانية كبيرة بدأت الإدارة الأمريكية بإعدادها بالفعل لتوفير الخدمات الصحية والتعليمية والحياتية لسكان القطاع الذين يرغبون باللجوء “المؤقت” الى مصر .
واقترحت الوثيقة الصادرة عن وزارة الاستخبارات الإسرائيلية تهجير الفلسطينيين من غزة إلى مصر، ضمن 3 خيارات للتعامل مع القطاع بعد انتهاء الحرب الإسرائيلية.
وتوصي الوثيقة بالنقل القسري لسكان قطاع غزة إلى سيناء بشكل دائم، كخيار مفضّال بين 3 خيارات تقترحها بشأن مستقبل الفلسطينيين في القطاع بعد الحرب.
وتنقسم خطة النقل هذه إلى عدة مراحل: في المرحلة الأولى، يتمّ “إجلاء سكان غزة إلى الجنوب”، في حين ستركز الضربات الجوية على الجزء الشمالي من القطاع.
وفي المرحلة الثانية، سيبدأ التوغل البري ما سيؤدي إلى احتلال القطاع بأكمله، من الشمال إلى الجنوب، و”تطهير المخابئ الموجودة تحت الأرض من مقاتلي حركة حماس”.
وفي الوقت نفسه الذي سيتم فيه احتلال غزة، بحسب الوثيقة، ينتقل سكان القطاع إلى الأراضي المصرية، ولن يسمح لهم بالعودة إليه بشكل دائم.
وجاء في الوثيقة: “من المهم ترك ممرات للتحرك باتجاه الجنوب صالحة للاستخدام، وذلك للسماح بإجلاء السكان المدنيين باتجاه رفح”.
ويعول الكيان الإسرائيلي على قدرة الولايات المتحدة في ممارسة “الضغط على مصر وتركيا وقطر والسعودية والإمارات للمساهمة في المبادرة سواء بالموارد أو باستقبال نازحين”.
وتقترح الوثيقة إطلاق حملة عامة مخصصة موجهة للعالم العربي، إلى دول مثل السعودية والمغرب وليبيا وتونس، “يتم فيها إرسال رسالة لتقديم المساعدة لإخوانهم الفلسطينيين، حتى لو كان ذلك على حساب استخدام نبرة لوم أو مس بإسرائيل”.
وحسب الوثيقة يقوم مخطط المحتل على الترويج لفكرة أن “الهجرة الجماعية للسكان من مناطق القتال هي نتيجة طبيعية وضرورية على غرار ما حدث في سوريا وأفغانستان وأوكرانيا، وأن ترحيل السكان وحده هو الحل المناسب الذي سيسمح بإنشاء قوة ردع كبيرة في المنطقة بأكملها”.
ويدرس الاحتلال بالتزامن مع مواصلة استهدافه القطاع مراحل ما بعد الصراع وتقدم الوثيقة المسربة مقترحات عديدة منها جلب السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس لحكم القطاع.
أما ثاني المقترحات فيتمثل في إنشاء حكم فلسطيني محلي آخر بديل لحركة حماس، لكن كلا المقترحين (وفق الوثيقة) غير محبذين من الناحية الاستراتيجية والأمنية للكيان لاعتبارات أهمها إمكانية فشل نموذج المزج بين الحكم العسكري الإسرائيلي والحكم المدني من جانب السلطة الفلسطينية في غزة، كما فشل في الضفة الغربية.
أما الاقتراح الأخير، وهو تشكيل قيادة فلسطينية محلية تحل محل حماس، فهو غير مرغوب فيه بحسب الوثيقة، لأنه لا توجد حركات معارضة محلية للحركة، كما أن القيادة الجديدة قد تكون أكثر تطرفا ووفقاً للوثيقة فإن “السيناريو المحتمل حدوثه ليس تغييرا في التصور الأيديولوجي، بل إنشاء حركات إسلامية جديدة قد تكون أكثر تطرفا”.