الوزيرة سلوى العباسي تستهلّ مهامها بالجدل بسبب وصف “غير أخلاقي” لتلاميذ الأحياء الشعبية على فيسبوك
لم تكد تمر ساعتان على إعلان رئاسة الجمهورية مساء الاثنين، عن تكليف السيدة سلوى العباسي بمهام وزارة التربية، حتى انتشرت على منصات التواصل الاجتماعي، صورة تدوينة سابقة لها، حوّلت مجرى النقاشات والاهتمام في وقت قياسي، من دلالات إقالة سلفها محمد علي البوغديري، إلى الجدل بشأن “منشورها الغاضب” الذي غلب عليه التأثر بمسلسل فلوجة وهو أحد الأعمال الدرامية الرمضانية، الذي أثار نقاشا نقديا وجماهيريا كبيرا، بسبب تناوله قضية انحراف التلاميذ في المحيط المدرسي.
عبقرية الناشطين التونسيين على منصات “السوشيال ميديا”، في “البحث والتنقيب”، عن ماضي كل وزير أو مسؤول حكومي جديد، ومحاولة استجلاء توجهاته ومواقفه العامة، باتت تضاهي كبار المحترفين في أقسام المعلومات والأرشيف بكبرى الأجهزة الاستخبارتية، إذ تكفي ساعة أو بضع ساعة من صدور “بيان التكليف الرسمي”، حتى تبدأ فصول “كشف المستور”، في الانتشار على صفحات فيسبوك، وهو السيناريو الذي تكرر بحذافيره مع وزيرة التربية الجديدة.
منشور صادم
تدوينة الوزيرة العباسي، عن التلاميذ بالأحياء الشعبية، تحولت إلى “ترند”، أضحى الأكثر تداولات وتعليقا على مدار الساعات الماضية، لما تضمنه من أراء ومصطلحات وصفت بـ”الصادمة”، وشديدة اللهجة، والقاسية، والتي قد يرقى بعضها إلى مستوى الثلب.
وتضمنت التدوينة المشار إليها النص التالي: “نصيحة لأساتذة العربية، بمجرد عودتكم (من العطلة) أمسكوا هؤلاء “الفروخ” (في إشارة إلى التلاميذ، وهي عبارة بالعامية التونسية تستعمل بشكل سلبي لوصف المراهقين والأطفال)، ولقنوهم الدروس الضرورية في المواطنة والوطنية والتربية على الانتماء، لا تحدثني عن نحو ولا إنشاء ولا بلاغة أو أدب خارج القيم التي يجب اكتسابها وتطبيقها.”
وأضافت: “أروهم صور الشهداء وربى تونس الخضراء وشواطئها ومعالم تاريخها ومكاسبها، أخرجوهم إلى الساحة ليقوموا بحركات رياضية أشبه بالتدريبات العسكرية، روضوهم حتى لا تلتحق وحوش الليل الصغار بوحوش النهار الكبار.”
وتابعت: “أمنعوا الكارثة فالتربية السياسية الثقافية لثقافة الفوضى الخلاقة وديمقراطية الرداءة، دمرت التربية التعليمية الأصلية وشوهت مخرجاتها وصنعت منهاجا خفيا تقرأ صحائفه تحت جنح الظلام.”
التدوينة تضمنت استطرادا للوزيرة العباسي زادت من مساحة الجدل، بعد استعمالها تلك العبارة غير اللائقة أخلاقيا لوصف التلاميذ من خلال تخصيص التلاميذ المنحدرين من الأحياء الشعبية بتونس، بهذا التوصيف بالقول: “العبارة مقصودة لأنهم أبناء غير شرعيين لهذا الوطن”.
أقصر إقالة في التاريخ
موجة التعليقات على منشور سلوى العباسي تراوحت مضامنيها بين السخرية والانتقاد، حيث شكك البعض في إمكانية وصولها إلى مكتب الوزارة، بينما وصف آخرون على غرار رياض زوايدية، التدوينة بأنها ستكون منطلق “أسرع إقالة في تاريخ الحكومة”.
وكتب محمد الأمين ساكري بأسلوب ساخر: “هذا ما جادت به قريحة سلوى العباسي وزيرة التربية المكلفة، نتمنى لها التوفيق في مهامها.”
أما الناشط أشرف العوادي، فدعا إلى تعيين المخرجة سوسن الجمني مخرجة مسلسلة فلوجة على رأس الوزارة قائلا: “هذه مقتطفات من تدوينات الوزيرة الجديدة، أي إصلاح للتعليم، ضعوا سوسن الجمني في منصب الوزيرة، فعلى الأقل في مسلسلها الفلوجة التلاميذ انحرفوا، وفي نهاية المطاف تحصلوا على شهادة الباكالوريا.”
وأضاف أن هذه السيدة تسير في طريق سيئ ووصفت أبناء الأحياء الشعبية بأنهم أبناء غير شرعيين.
انتقادات وهجوم
مواقف المدونين تضمنت كذلك هجوما لاذعا على الوزيرة العباسي، حيث كتبت مروى بن بلقاسم: “يا جماعة مبروك علينا وعلى أولادكم وزيرة التربية الجديدة، حاجة تعمل 66 كيف بصراحة”.
وتابعت: “وزيرة تصف التلاميذ “بالفروخ”، وتعتبر أبناء الأحياء الشعبية أبناء غير شرعيين لهذا الوطن، متجاهلة أن أبناء هذه الأحياء قد يكونون أكثر وطنية منها، وتتحدث عن المواطنة والوطنية وهي تمارس التمييز بين أبناء مجتمع واحد.”
وعبّر المعلق الصوتي أحمد السهيلي عن انتقاد ضمني، لتدوينة وزيرة التربية مقترحا أن يقع تعيين الوزراء بعد الاطلاع على حساباتهم على منصات التواصل الاجتماعي، فقال: “من رأيي كان يصيروا يعينوا الوزراء بعد ما يعملوا طلة على بروفيلاتهم في وسائل التواصل الاجتماعي ويشوفوهم شنو يكتبوا وكيفاش يخمموا وبعد ساهل”.
وتبنى الدكتور التونسي ذاكر لهيذب الموقف نفسه، داعيا كل من يعين في منصب إلى إغلاق حسابه على منصات التواصل الاجتماعي.
وقال لهيذب: “يهديكم ربي قبل أن تتنصبوا وزراء، سكروا الفيسبوك متاعكم راهي باش تخرج كوارث.”
انتقاد للرئيس سعيد
موجة التسريبات والتعليقات بشأن الوزيرة سلوى العباسي لم تتوقف عند هذه التدوينة، إذ تناقلات صفحات فيسبوك منشرات أخرى لها، لعل أكثرها إثارة للحيرة والتساؤل، تغريدة وجهت فيها انتقادات حادة إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد على خلفية قضية تجريم التطبيع.
وجاء في المنشور: “كل المساندة لأنس جابر البطلة التونسية التي اختارت نصرة القضية الفلسطينية على طريقتها، وبربي مش رئيسكم الفطحل قال لها “فليكن مضربك درعا وسيفا”؟ أش بيه توة مخلي وزير الخارجية يهنتل في الطفلة، يا قيس سعيد متاع “اللحظة التي لم تأت وسوف تأتي”، وإن أتت دخلنا في حيط وهانا بدينا ندخلو في حيط في جرة خياراتك، إن مقاومة الصهاينة ليس بالإنشاء والكلام، مقاومة الصهاينة بالرمي والتسديد المباشر والتونسية الحرة أنس جابر سددت رميها كما يجب، مالا خلي الإنشاء متاعك عندك وتفرج على اللحظة الجابرية ما أروعها.”
المضحك المبكي
وفضلا عن التدوينات المكتوبة، نشر بعض الناشطين فيديو لوزيرة التربية يعود تاريخه إلى سنة 2021، خلال عملها متفقدة للغة العربية بالتعليم الثانوي، وثقت فيه عدم وجود أستاذ لهذه المادة لفائدة تلاميذ السنة الثالثة ثانوي شعبة الآداب، بعد ثلاثة أشهر من انطلاق السنة الدراسية.
وعلق منير اللطيفي على الفيديو: “السيدة الوزيرة في زيارة فجئية “ما قبليّة” سنة 2021، وتوثق زيارتها وتنشرها على الفيسبوك.. رانا باش نشيخوا زنس شيخة.”
أما الدكتور ذاكر لهيذب فتفاعل بدوره مع الفيديو فدون: “سلسلة سوبر تونسي تتدحرج إلى المرتبة الثانية، في إشارة ضمنية إلى إحدى السلسلات الهزلية الكوميدية التونسية التي تعرض في شهر رمضان، والتي تفوق عليها فيديو الوزيرة، وجمعت بين الملهاة والإضحاك في الآن ذاته.”