أعلنت هيئة الدفاع فيما يعرف بقضيّة “التآمر” الأولى، خلال ندوة صحفية يوم الثلاثاء 16 أفريل 2024 بدار المحامي بتونس، عن توجهها لتقديم مطلب جديد بالإفراج عن المعارضين السياسيين الموقوفين، وذلك أيامًا قليلة قبل انقضاء آجال الإيقاف التحفظي المحددة قانونيًا بـ 14 شهرًا، وفقها، مجدّدةً دعواتها للإفراج عنهم، كما سلّطت الهيئة خلال الندوة الضوء على ما أسمتها “الخروقات والانحرافات الجسيمة” التي يشهدها ملف القضية.
في هذا السياق، أكد عضو هيئة الدفاع المحامي سمير ديلو أن الهيئة تمارس واجب الدفاع عن منوبيها في ظل “قصف من السلطة التنفيذية” وفق قوله، مشيرًا إلى أن “هذا الملف يجب أن يكون من نظر السلطة القضائية بعيدًا عن كل الضغوطات”.
وأشار ديلو إلى “استهداف هيئة الدفاع بمحاكمات متتالية، مضيفًا أن الجهة التي قامت بالتشكي ضد أعضاء هيئة الدفاع، لم تنجح في أي من هذه القضايا ولم تثبت مغالطة الهيئة للرأي العام فيما يتعلق بهذا الملف”.
وشدّد ديلو على أن الهيئة “قامت بواجب الدفاع في هذه القضية في ظل قرار منع التداول الذي اعتبر أنه غير قانوني وغير دستوري، مشيرًا إلى أنه تم “رفع السرية عن القضية بصدور ما يسمى بقرار ختم البحث”.
وجدّد ديلو تأكيده على أن “هذا الملف سياسي بامتياز”، قائلاً إن “السلطة التنفيذية أصبحت تجيب هيئة الدفاع بشكل مباشر، وتم تجاوز كل محطات العبث بالإجراءات”. وتحدث عن استهداف عائلات المعارضين الموقوفين على غرار التتبعات المثارة ضدّ أحد أبناء غازي الشواشي الأمين العام السابق لحزب التيار الديمقراطي (معارض).
بدورها تحدثت المحامية دليلة مصدق، من هيئة الدفاع أيضًا، عن التهم الموجهة للموقوفين على ذمة القضية الأولى فيما يعرف بـ “التآمر على أمن الدولة”.
وبيّنت أنه تم توجيه تهم “تكوين وفاق إرهابي والتبرع بأموال لفائدة تنظيم إرهابي والتآمر من أجل تغيير هيئة الدولة وعدم الإشعار بجرائم إرهابية والتآمر على أمر الدولة الداخلي والخارجي وارتكاب أمر موحش ضد رئيس الجمهورية لكل من خيام التركي وكمال اللطيّف ونور الدين البحيري”.
وأشارت إلى أن نور الدين البحيري حاليًا بحالة سراح، وتم إضافة اسمه مؤخرًا لهذا الملف.
وأفادت فيما يتعلّق بالمعارضين الموقوفين الآخرين غازي الشواشي وجوهر بن مبارك، بأنه تم توجيه تهم ارتكاب جرائم انضمام إلى وفاق إرهابي وعدم الإشعار بجرائم إرهابية، والتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي وارتكاب أمر موحش ضد رئيس الجمهورية.
كما تم توجيه تهم الانضمام إلى وفاق إرهابي وعدم الإشعار بجرائم إرهابية، والتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي، لكل من عصام الشابي وعبد الحميد الجلاصي ورضا بلحاج.
وأعلن المحامي كريم المرزوقي، عضو هيئة الدفاع، أن قاضي التحقيق أصدر قرارًا بختم البحث في القضية، معتبرًا أن ذلك يأتي في إطار الإمعان في خرق الإجراءات.
وكانت هيئة الدفاع قد اعتبرت أنّ “أيّ عمل يقوم به قاضي التّحقيق هو عمل باطل بطلانًا مطلقًا، وهو عمل غير قانوني بشكل متعمّد بعد أنّ تمّ التّنبيه عليه كتابيًّا بتاريخ 5 أفريل 2024 بالامتناع عن أيّ عمل من أعمال التّحقيق، وعن إصدار أيّ قرار في الملفّ تبعًا لخروج الملفّ عن أنظاره بموجب الطّعن بالتّعقيب في التاريخ نفسه، والموجب حسب الفصل 261 من مجلّة الإجراءات الجزائيّة لتوجيه الملفّ فورًا إلى محكمة التّعقيب”.
وأشار المحامي وعضو هيئة الدفاع كريم المرزوقي إلى ما أسماه “التوجه المباشر لهضم حقوق المعتقلين”، واستغرب موقف الرئيس التونسي قيس سعيّد الذي اعتبر أن الإجراءات سليمة، متسائلاً “كيف نتحدث عن استقلال القضاء ويتم التداول في هذه القضية في اجتماع مجلس الأمن القومي؟ ماذا بقي من استقلال القضاء والرئيس أكد أن القضية سياسية والملف لا يدار في مكاتب القضاة وداخل أسوار المحكمة وإنما يدار بسلطة سياسية متعسفة قررت وضع المعارضين في السجن؟”.
ومن جهتها جدّدت المحامية إسلام حمزة، تمسّك هيئة الدفاع بالتقدم بمطلب جديد في الإفراج، مضيفةً “سنتقدم بمطلب في الإفراج لعل يقع تطبيق القانون ويتم إطلاق سراحهم المفروض وجوبيًا حسب القانون بعد انقضاء مدة 14 شهرًا”.
واعتبرت في المقابل أن “كل المؤشرات تشير إلى نية ارتكاب جريمة، والتمسك بالاحتفاظ بالمعارضين الموقوفين رغم انتهاء أجل 14 شهرًا وختم قرار البحث، مؤكّدةً أن “دائرة الاتهام لم تنظر بعد في الملف ولم تفصل الأمر ولم تحل المتهمين على الدائرة الجنائية”.
وجدّدت إسلام حمزة التأكيد على التلاعب بالإجراءات في ملف قضية “التآمر”، معتبرةً أن بطاقات الإيداع صدرت بقرار سياسي، وإذا لم يتم الإفراج عن المعارضين المعتقلين قبل يوم الجمعة 19 أفريل 2024، فاللعبة ستكشف وهذا إثبات لكون القضية سياسية بامتياز”.
يذكر أنه مرّ حوالي 14 شهرًا على انطلاق حملة الإيقافات التي طالت معارضين سياسيين في تونس في القضية الأولى فيما يعرف بـ”التآمر على أمن الدولة” التي تمت إثارتها على خلفية لقاءات جمعت المعارضين المعنيين من أجل البحث عن حلول في علاقة بالأزمة السياسية بالبلاد، وفق ما أكدته هيئة الدفاع عنهم في أكثر من مناسبة.
وكانت النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب أذنت منذ شهر فيفري 2023، بإيقاف المتهمين على ذمة إحدى قضايا ما يعرف بـ “التآمر على أمن الدولة”، وشملت الإيقافات سياسيين بارزين من بينهم: خيام التركي، عصام الشابي، جوهر بن مبارك، غازي الشواشي، رضا بلحاج، عبد الحميد الجلاصي وغيرهم، أين تمت إحالتهم على قاضي التحقيق بالقطب القضائي لمكافحة الارهاب الذي أصدر في حقهم بطاقات إيداع بالسجن.