من “العزارة” إلى “قرّة العنز”: محطات الطقس الفلاحي
وفق الموروث الشعبي، تأتي “العزارة” مباشرة بعد “الليالي السود” التي يقول عنها الفلاحون إنها فترة “يخضر فيها كل عود”، حيث تبدأ الأشجار في الإزهار، رغم بقاء البرد مسيطرًا. لكن “قرّة العنز” تُعرف بقسوتها، حيث يعيد الشتاء إحكام قبضته، وكأنه يوجّه آخر ضرباته قبل الرحيل.
ويعزو الفلاحون تسمية هذه الفترة إلى شدّة برودتها التي “تقرّ” فيها العنز وترتجف من الصقيع. وعلى الرغم من قسوتها، فإنها تسبق مرحلة تحول الطقس نحو الاعتدال، إذ يرى البعض أنها علامة على اقتراب فصل الربيع، رغم موجات البرد التي قد تكون مفاجئة أحيانًا.
جلسات الدفء والقصص الشعبية
قديماً، كان التونسيون يستقبلون “قرّة العنز” بتحلقهم حول “الكانون”، متدفئين بنيران الحطب والفحم، في جلسات عائلية حميمية حيث تُروى الحكايات الشعبية. كانت الجدات يسرِدن قصص الغول والجازية الهلالية، وغيرها من الروايات التي تشدّ مسامع الكبار قبل الصغار، في انتظار بشائر الربيع القريب.
وكان الفلاحون يستبشرون بتلك الأيام والليالي، ويتحلقون في دوائر يتدفأون بنيران الحطب والفحم على “الكانون” في جلسات سمر يلفها الدفء العائلي والأنس، وسط تبادل الأحاديث أو الانصات إلى حكايات الجدة، وهي تهمس بخرافات الغول والجازية الهلالية وغيرها من القصص التي تشد مسامع الكبار قبل الصغار، مستبشرين بقدوم فصل الربيع بأجوائه الدافئة.
وتم ابتكار التقويم الفلاحي /العربي/ من أجل تنظيم الأعمال الزراعية الموسمية بدلاً من التقويم الهجري الذي يعتمد على القمر، وفق أوقات محددة صاروا يضبطون عليها مواعيد حراثة الأرض وزرع البذور في التربة، وحصاد المنتوج في نهاية المطاف.