أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، تفعيل المادة 99 من الميثاق وهي “أقوى أداة يمتلكها” في ميثاق المنظمة، وذلك بهدف لفت النظر والتنبيه إلى أنّ ما يجري في غزة “يهدد حفظ السلم والأمن الدوليين”.
وهذه هي المرّة الأولى التي يقوم فيها، أنطونيو غوتيريش، بتفعيل المادة 99 من الميثاق، منذ أن أصبح أمينا عاما للأمم المتحدة عام 2017.
ووفق المادة 99 فإنّ “للأمين العام أن ينبّه مجلس الأمن إلى أيّ مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدوليين”.
وقال غوتيريش في رسالة إلى مجلس الأمن الدولي، الأربعاء، أنّه لمواجهة الخطر الجسيم لانهيار النظام الإنساني في غزة، “أحثُّ مجلس الأمن على المساعدة في تجنّب وقوع كارثة إنسانية وأناشد إعلان وقف إنساني لإطلاق النار”.
من جهته قال، ستيفان دوجاريك، المتحدّث باسم الأمم المتحدة، إنّ الأمين العام “يُفعّل السلطة التي يمنحها له الميثاق”، فيما يمكن أن يُوصف بـ “الخطوة الدستورية الكبرى”، لأنّ المادة 99 هي “أقوى أداة” يمتلكها الأمين العام في إطار ميثاق الأمم المتحدة.
وقال دوجاريك إنّ الأمم المتحدة “تقترب من نقطة الشلل التام” لعملياتها الإنسانية في غزة في مكان قُتل فيه أكثر من 15 ألف شخص، و130 من العاملين بالأمم المتحدة.
وأضاف أن الأمين العام لا يستخدم كلمة “كارثة” باستخفاف، وأعرب عن الأمل في أن يستمع مجلس الأمن لدعوة الأمين العام.
ما هي المادة 99 وماذا يعني اللجوء إليها؟
تعدُّ المادة 99 الأكثر أهمية، من بين المواد الخمس في ميثاق الأمم المتحدة التي تحدّد مهام الأمين العام، لأنّها تختصُّ بالسلام والأمن الدوليين، فهي تمنح الأمين العام سلطة “لفت انتباه مجلس الأمن إلى أي مسألة يرى أنها قد تهدد حفظ السلم والأمن الدوليين”.
وبهذه الطريقة، تسمح المادة 99 للأمين العام ببدء مناقشة في مجلس الأمن حول قضية معينة للضغط على الأعضاء لاتخاذ إجراءات وخطوات حاسمة في الأمر لحفظ الأمن والسلم الدوليين.
وكان، داغ همرشولد، الذي شغل منصب الأمين العام للأمم المتحدة، (10 أفريل 1953 إلى 18 سبتمبر 1961)، قد قال إنّ المادة 99 “أهم من أي مادة أخرى، لأنها حولت الأمين العام من مسؤول إداري بحت إلى مسؤول يتمتع بمسؤولية سياسية واضحة”.
وحين فكّر واضعو ميثاق الأمم المتحدة بإدراج المادة 99، فإنهم كانوا معنيين بإسناد مسؤولية للأمين العام للأمم المتحدة “تتطلّب ممارسة أسمى الصفات، الحكم السياسي واللباقة والنزاهة”.
والهدف الأساسي من المادة 99 هو التعامل مع الحالات التي تواجه فيها ديناميكيات مجلس الأمن صعوبات في التوصل إلى اتفاق بشأن مناقشة الصراعات الناشئة، وذلك لأن لفت انتباه المجلس إلى الحالات التي تشكل خطرا على الأمن والسلم الدوليين من شأنه أن يدفع أعضاء المجلس إلى التركيز على دورهم في منع نشوب الصراعات، وتفعيل مجموعة أدوات منصوص عليها في الفصل السابع. وهذا قد يدفع المجلس إلى اتخاذ خطوات فعالة.
والتفكير في إدارج المادة 99 جاء نتيجة لإدراك مجلس الأمن الدولي منذ فترة طويلة بالحاجة إلى الإنذار المبكر بالأزمات الدولية الوشيكة، لتكون مهام مجلس الأمن الدولي منصبّة على الوقاية أكثر من التعامل المتأخر مع المشاكل التي تهدد الأمن والسلم الدوليين.
والمرة الأولى التي استخدم فيها المادة 99، هي رسالة همرشولد المؤرخة في 13 جويلية عام 1960، والتي يطلب فيها عقد اجتماع عاجل للمجلس بشأن الكونغو.
وبينما لم يشر الأمين العام على وجه التحديد إلى المادة 99، فقد استخدم لغتها عندما قال: “يجب أن ألفت انتباه مجلس الأمن إلى مسألة، في رأيي، قد تهدد صون السلم والأمن الدوليين”.
وأدى الاجتماع الذي عقد عقب رسالة همرشولد إلى تفويض المجلس في اليوم التالي لعملية عسكرية تابعة للأمم المتحدة لمساعدة حكومة الكونغو.
سوابق تاريخية وغضب الاحتلال
وبالإضافة إلى ثلاث دعوات صريحة اعترفت بها الأمم المتحدة (الكونغو 1960، وإيران 1979، ولبنان 1989)، هناك أكثر من 12 استدعاء ضمنيا في مجلس الأمن.
كما تمّ الدعوة لتفعيل المادة 99، في عديد المناسبات على غرار عام 1961 في تونس وذلك خلال حرب إجلاء المستعمر الفرنسي من مدينة بنزرت باعتبارها آخر معاقل المحتل، وفي اليمن عام 1963 وقبرص 1974 وإيران عام 1979، وحرب العراق وإيران عام 1980 ولبنان عام 1989.
ومع ذلك، كانت معظم هذه التحذيرات متأخرة أو بيانات تأييد للتحذيرات التي قدمتها الدول الأعضاء بالفعل.
خُطوة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن تفعيل “المادة 99” أغضبت الاحتلال، حيث اعتبر وزير خارجيته إيلي كوهين، الأربعاء، أن ولاية أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش “تهديد للسلم العالمي” بعد إرساله خطابا لمجلس الأمن حول غزة لتفعيل المادة 99 من ميثاق المنظمة.
وفي تعبير عن الانزعاج والغضب بسبب ما تحدث به غوتيريش، كتب وزير الخارجية كوهين عبر منصة “إكس” (تويتر سابقا): “ولاية غوتيريش تشكل خطرا على السلام العالمي”.