أثارت مبادرة تشريعية طرحها نواب لتعديل القانون الانتخابي جدلا واسعا في تونس، خاصة أنّها تأتي قبل أيّام قليلة من إجراء الانتخابات الرئاسية يوم 6 أكتوبر القادم.
وتتالت البيانات من أحزاب معارضة ومنظمات المجتمع المدني في ظلّ ما اعتبروه ضربا لمكاسب الديمقراطية ودوسا على المسار القضائي.
كما استنكر عدد من النواب المبادرة التشريعية وتبرؤوا منها.
حملة تنديد واسعة
ندّدت عديد الأحزاب والمنظمات بالمبادرة التشريعية التي طرحا عدد من نواب البرلمان على لجنة التشريع العام لتنقيح القانون الانتخابي واستعجال النظر فيه.
ويتمثّل مقترح التنقيح، الذي تقدّمت به مجموعة من النواب، في أن تقدّم الطعون في قرارات هيئة الانتخابات إلى محكمة الاستئناف عوضا عن المحكمة الإدارية.
ويأتي هذا المقترح قبل نحو أسبوعين من موعد الانتخابات الرئاسية المقررة ليوم 6 أكتوبر المقبل.
وكانت هيئة الانتخابات قد قرّرت عدم تنفيذ قرارات المحكمة الإدارية بشأن قبول طعون عدد من المترشّحين للانتخابات.
واعتبرت الشبكة التونسية للحقوق والحريات المبادرة التشريعية “اختراقا للسلطة القضائية والتأثير في استقلاليتها من قبل السلطة التنفيذية”.
وقالت الشبكة في بيان إنّ “السلطة تسعى إلى إلغاء دور المحكمة الإدارية، مما يشكّل تهديدا مباشرا لدور القضاء في الحفاظ على نزاهة العملية الانتخابية”.
وأضافت: “الشعب التونسي لن يقف مكتوف الأيدي أمام محاولات تحييد المؤسسات التي تضمن حماية حقوقه وحرياته”.
بدورها، انتقدت جبهة الخلاص الوطني قرار مجلس نواب الشعب إحالة مقترح لتنقيح القانون الانتخابي على لجنة التشريع العام لمناقشته، معتبرة إياه “خطوة استباقية لدرء خطر إلغاء هذه الانتخابات من قبل المحكمة الإدارية” بعد عدم تنفيذ قراراتها من قبل هيئة الانتخابات.
واليوم، دعت حركة النهضة إلى سحب المبادرة التشريعية المتعلقة بتعديل القانون الانتخابي.
وطابت النهضة في بيان بـ”عدم الانخراط في فضيحة سياسية لا تُمحى من سجلّ كل من يشارك فيها”.
من جهته، وصف رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، بسام الطريفي المبادرة التشريعية بـ”العبث”.
وقال الطريفي في تدوينة على فيسبوك: “مشروع قانون مستعجل لسحب النزاع الانتخابي من المحكمة الإدارية.. متى؟.. 15 يوما قبل الانتخابات!.. هل هناك عبث أكثر من هذا؟.
نواب يتبرؤون من المبادرة
أثارت المبادرة التشريعية التي تقدّم بها بعض نواب البرلمان استغراب زملائهم خاصة مع طلب الاستعجال النظر فيها من المجلس.
“لن يكون البرلمان “شاهد زور”.. هكذا علّق النائب محمد علي في بداية تدوينته على المبادرة التشريعية.
وقال النائب عبر صفحته بفيسبوك: “أرفض جملة وتفصيلا وبشكل مبدئي وتام الانخراط في لعبة تمرير مشروع هذا القانون لأسباب عديدة بعضها قانوني والبعض الآخر أخلاقي”.
وتابع البرلماني: “لقد اتفقت القوانين والأعراف الوطنية والدولية على أنه لا يمكن مراجعة التشريعات المرتبطة بالانتخابات على الأقل قبل سنة من العملية الانتخابية فما بالك بأسبوعين نعم أسبوعين فقط وفي سياق المسار الانتخابي الذي أنطلق فعليا، وهو أمر لا يمكن أن ترتكبه أيّ هيئة تحترم نفسها فما بالك بمؤسسة مناط بعهدها صياغة القوانين والمصادقة عليها، والمؤتمنة على جودتها ودقتها ونجاعتها”.
وأضاف في تدوينته: “لن نكون ملكيين أكثر من الملك، فمن قدر على أن يمرّر مشروعي قانونين في العطلة البرلمانية في شكل مرسومين كان يقدر على نشر مشروع القانون المعروض علينا في شكل مرسوم لو لم ير في الأمر شيئا معيبا قانونا وذوقا وأخلاق، وهو الأمر ذاته الذي لا أريده في حق زميلاتي وزملائي الأفاضل”.
بدوره، علّق النائب أحمد السعيداني على المبادرة التشريعية بأنّه لا يؤمن كثيرا بالديمقراطية لكن الوضعية باتت عملية افتكاك بالقوة.
ومن جهته، علّق النائب هشام حسني على مبادرة زملائه في البرلمان بقوله: “بعد ما شاهدته لن أخوض في غمار السياسة بعد اليوم وسأكتفي بالتصويت حسب قناعاتي الوطنية وسأخدم دائرتي بتفان وربي يحمي تونس”.
دعوات إلى التظاهر
دعت عديد الأحزاب إلى النزول إلى الشارع والتظاهر رفضا للمبادرة التشريعية التي طرحها النواب.
وحثّت الشبكة التونسية للحقوق والحريات كل القوى الوطنية إلى المشاركة في تجمّع احتجاجي غدا الأحد 22 سبتمبر، أمام المسرح البلدي بتونس العاصمة، رفضا لتعديل القانون الانتخابي.
بدورها، دعت جبهة الخلاص الوطني كل القوى الحيّة من مكوّنات الطّيف السّياسي والمدني إلى توحيد الجهود رفضا للمبادرة.
ومن جهته، دعا حزب العمل والإنجاز القوى الوطنية كافة “إلى التصدّي لهذا التلاعب بمسار الانتخابات، والتنسيق الفوري لتنظيم مظاهرة كبرى للتعبير عن رفض هذا المسار”.
كما دعا التيار الديمقراطي إلى المشاركة في الوقفة الاحتجاجي تنديدا بسعي السلطة ضرب مقومات الديمقراطية وتهديد المسار الانتخابي.