قال القيادي في حزب العمال والنائب السابق في مجلس نواب الشعب، عمار عمروسية، في تصريح لبوابة تونس، إنّ البيان الأخير للهيئة الوطنية للمحامين، يمثّل نقلة في السياسات العامة للعميد حاتم المزيو، كما يعكس الوضع المتردّي للسلطة القضائية، ويعبّر عن عمق الأزمة التي تشهدها البلاد على جميع الأصعدة وخاصة في باب الحريات والحقوق.
وذكر عمروسية أنّ عميد المحامين انخرط في بداية انتخابه إلى جانب عدد من منظمات المجتمع المدني على غرار الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، و”أخذ مسافة من المشروع الانقلابي” -وفق تعبيره- قبل أن “يتّجه إلى الاصطفاف وراء الاستبداد”.
وحسب عمروسية، فإنّ البيان شديد اللهجة الذي أصدرته هيئة المحامين يعبّر عن حالة الغضب والغليان داخل القطاع، نتيجة جملة من “الممارسات التي تصب في اتجاه تدجين هذا المرفق واحتوائه، ضمن منظومات الاستبداد وآلياته”.
وتعليقا على توقيت هذا الموقف من جانب عميد المحامين حاتم المزيو، اعتبر عمروسية أنّه “أن يأتي متأخّرا خير من ألّا يأتي أبدا”، مضيفا: “هذا البيان جاء بنبرة عالية ومطالب واضحة وشاملة لمجمل مشكلات القضاء، وأعتقد أنّه مؤشر جديد على دخول شريحة المحامين في معركة الحريات وهذا معطى مهم على أكثر من مستوى”.
ووجّه عمروسية بالمناسبة الدعوة إلى المحامين للالتزام بالدفاع عن المظلومين أيّا كانت معتقداتهم الأيديولوجية والسياسية في ظل المرحلة الراهنة، مشدّدا على أنّ بيان الهيئة “يؤكّد أنّ المستقبل لن يكون للاستبداد”، رغم الوقع الذي يخيّم عليه ضعف الحركة الشعبية وتشتّت القوى الديمقراطية.
وإجابة عن سؤال بوابة تونس بشأن دلالات تحول مواقف هيئة المحامين، وما إذا كان يمثّل محرارا لتحولات مرتقبة في خط منظمات وطنية أخرى، على غرار اتحاد الشغل، لفت القيادي بحزب العمال إلى أنّ المنظمة الشغيلة بدأت منذ مدة في أخذ مسافة عن السلطة، “رغم أنّ خطوتها هذه جاءت متأخرة بدورها، باعتبار أنّ التوقيت يكتسي قيمة مهمة في خضم المعركة من أجل الحقوق والحريات ومواجهة الاستبداد والمنظومة الشعبوية الرثة”.
وحسب محدّثنا، فإنّ الاتحاد “بات في مركز الاستهداف وتحت منصات صواريخ الرئيس قيس سعيّد، مشدّدا على أنّ بيان المحامين سيخلق ديناميكية جديدة داخل منظمات المجتمع المدني وفي الحياة السياسية”.
الموقف من مبادرة العياشي الهمامي
وعلى صعيد آخر، تطرّق عمار عمروسية إلى مبادرة المحامي والناشط السياسي، العياشي الهمامي، المتعلقة بتوحيد القوى الديمقراطية وتيارات المعارضة بشأن الموقف من الانتخابات الرئاسية المقبلة، مشيرا إلى أنّ قيادة حزب العمال اطّلعت على مضمونها، إلى جانب ما طرحته أصوات كثيرة أخرى تنحو نحو المشاركة في الانتخابات الرئاسية.
ووصف عمروسية التشخيص الذي قدّمه العياشي الهمامي في المبادرة بشأن الوضع العام ومناخ الحريات بأنّه جيّد ولا اختلاف عليه، ولكنه لم يأخذ بعين الاعتبار المزاج العام والذهنية العامة للشعب التونسي ومدى اتجاهها إلى صناديق الاقتراع حاليا.
واستدرك قائلا: “الوقائع تؤكّد عكس ذلك، حيث إنّ نسبة المشاركة منذ الاستفتاء في تراجع، حتى أصبحت هيئة بوعسكر متعاقدة مع نسب مشاركة تتراح بين 11 و 12%”.
وعبّر محدّثنا عن انفتاح الحزب على النقاش والحوار مع المحامي العياشي الهمامي، مع تنبيه القوى الديمقراطية من مساعي الرئيس سعيّد الذي وضع البلاد على سكة انتخابات رئاسية، مع العمل في الآن ذاته على تصحير الحياة السياسية، والتضييق على كل أطياف المعارضة.
وبخصوص موقف حزب العمال، بيّن عمروسية أنّ قرار المشاركة أو المقاطعة لا يعتبر مبدأ مطلقا، بل يدرس وفق الأوضاع السياسية، متسائلا: “ما الذي استجدّ في تونس بعد 25 جويلية 2021 حتى نقرر المشاركة، هل تحسنت أوضاع الحقوق والحريات؟ وهل تغيّرت هيئة فاروق بوعسكر التي يتّفق الجميع أنّها هيئة تزوير وتدليس؟ هل تحسّن وضع الإعلام الذي يعيش تحت الخوف وبالأخص الإعلام العمومي الذي عاد إلى الزريبة؟”.
وأشار القيادي بحزب العمال إلى أنّ كل من فكّروا أو عبّروا عن نيّة الترشّح للانتخابات الرئاسية ولو باحتشام، إما زُجّ بهم في السجن وإمّا أنّهم على أبوابه، مضيفا: “الرئيس سعيّد يلتقط ويتابع كل شخص يمكن أن يترشّح، فحتى حق الترشّح صار غير مضمون، وبالتالي فنحن نرى أنّ الأفضل والأنسب هو توحّد الحركة الديمقراطية حول مقاطعة المهزلة الانتخابية، وتعمل على خلق فراغ كبير حول صندوق الاقتراع، من أجل ترك قيس سعيّد في منافسة مع نفسه”.
وشدّد عمار عمروسية على أنّ المشاركة في الانتخابات الرئاسية تحت أيّ داع، لن تشكّل إنقاذا لتونس، بقدر ما ستكون تطبيعا مع الانقلاب.
وتابع: “الذين يطرحون فكرة المشاركة، سيصطدمون بالعقلية الانفرادية لديكتاتور يسعى إلى افتكاك مشروعية جديدة عبر الانتخابات، لمواصلة مشروعه لتجريف الحقوق والحريات وتصفية الحساب مع الثورة و الثوار”.